يتم إنتاج الخلايا الجذعية في نخاع العظام وتستطيع تطوير نفسها لتصبح أي نوع من خلايا الدم التي يحتاجها الجسم، وتتكاثر الخلايا الجذعية باستمرار وتنضج لتتحول إلى خلايا دم جديدة مختلفة الأنواع، بحيث تحلّ محل الخلايا القديمة والتالفة في الجسم. ويُذكر بأنها تنتج بلايين الخلايا الدموية الجديدة يومياً، وإذا لم تكن الخلايا الجذعية قادرة على إنتاج ما يكفي من الخلايا الدموية الجديدة، فقد تحدث مشكلات صحية خطيرة مثل الالتهابات وفقر الدم أو النزيف، وسنقدم من خلال هذا المقال معلومات عن زراعة الخلايا الجذعية.
مفهوم زراعة الخلايا الجذعية
زرع الخلايا الجذعية (SCT) المشار إليه أحياناً بزراعة نخاع العظم (BMT) هو إجراء يهدف إلى استبدال الخلايا الجذعية التالفة في جسم المريض بخلايا جذعية سليمة، و قبل إجراء زرع الخلايا الجذعية، يتلقى المريض جرعات عالية من العلاج الكيميائي، وفي بعض الحالات العلاج الإشعاعي لتجهيز الجسم لاستقبال عملية الزرع، وتدعي هذه العملية بـ “معالجة التكييف”، وقد يكون علاج التكييف صعباً جداً على الجسم ويمكن أن يتسبب في آثار جانبية ومضاعفات خطيرة، لذا من المهم أن يناقش المرضى جميع المخاطر والفوائد المرتبطة بزرع الخلايا الجذعية مع أطبائهم، يجب أيضاً على الطبيب مناقشة الخيارات البديلة للعلاج، بما في ذلك المشاركة في التجارب السريرية.
بعد حقن الخلايا الجذعية تتحرك في مجرى الدم إلى نخاع العظم، وتنقسم الخلايا الجذعية وتتكون خلايا دم جديدة في نخاع العظم، وهذه العملية تُعرف بـ “الزراعة”.
عادة ما يحدث تكاثر للخلايا الجذعية بعد ثلاثين يوماً من الزراعة، ولكن في بعض الأحيان قد يستغرق الأمر وقتاً أطول، ويقوم الطبيب بفحص تعداد الدم للمريض يومياً لمعرفة ما إذا كان نخاع العظم قد بدأ في إنتاج خلايا دم جديدة أم لا، وعند حدوث التكاثر تزداد أعداد خلايا الدم البيضاء وخلايا الدم الحمراء والصفائح الدموية في جسم المريض.
أنواع زراعة الخلايا الجذعية
الأنواع الرئيسية لزراعة الخلايا الجذعية:
- زراعة الخلايا الذاتية: في هذا النوع يتم استخدام خلايا جذعية من المريض نفسه، بحيث يتم جمع هذه الخلايا ثم معالجتها وإعادتها إلى جسم المريض بعد مرحلة التكييف، وتعتبر زراعة الخلايا الذاتية أكثر أماناً بشكل عام، حيث لا توجد مشاكل متعلقة برفض الجسم للزرعة أو تحفيز نظام المناعة على مهاجمة الخلايا الجديدة.
- زراعة الخلايا المتبرعة: في هذا النوع يتم استخدام خلايا جذعية من متبرع آخر، وقد يكون المتبرع من أفراد الأسرة أو متبرع ذو صلة قرابة بالمريض أو شخص متبرع لا تربطه صلة قرابة بالمريض، قبل زرع الخلايا المتبرعة يتم تحديد مطابقة النسيج بين المتبرع والمريض للحد من رفض الزرعة والحد من المضاعفات المرتبطة بنظام المناعة.
- زراعة الخلايا ذات الكثافة المنخفضة: تستخدم في زراعة الخلايا ذات الكثافة المنخفضة جرعات أقل سمية من العلاج الكيميائي والإشعاعي كجزء من التكييف قبل زراعة الخلايا الجذعية، وهذا النوع يستخدم بشكل أكثر شيوعاً في حالات الأشخاص الذين يكونون غير قادرين على تحمل جرعات عالية من العلاجات التقليدية.
ماذا يحدث بعد زراعة الخلايا الجذعية؟
ستحتاج الخلايا الجذعية الجديدة إلى وقت لإنتاج خلايا دم جديدة، وإذا تلقى المريض خلايا جذعية من متبرع، فإن الخلايا الجذعية المزروعة ستحل محل الخلايا الجذعية غير الصحية وتبدأ في بناء جهاز مناعي جديد، وهذه العملية تسمى التطعيم، وقد يحتاج المريض إلى البقاء في المستشفى لعدة أشهر حتى يتمكن الطبيب المعالج من مراقبة حالته الصحية، وبعد زراعة الخلايا الجذعية يمكن ان يحدث ما يلي:
- يؤثر العلاج الكيميائي قبل العلاج على قدرة الجهاز المناعي على حماية المريض من العدوى، وللتقليل هذا الخطر يبقى المريض بمفرده في غرفة نظيفة مع اختلاط محدود بالأشخاص الآخرين.
- يعاني بعض الأشخاص من الغثيان والقيء والإسهال بعد الزراعة، مما يدفع الطبيب المختص إعطاء المريض بعض الأدوية الطبية لتخفيف تلك الأعراض والسوائل لتعويض ما فقدته.
- إذا تلقى المريض خلايا متبرع بها فسيعطيه الطبيب أدوية مثبطة للمناعة لتقليل فرصة رفض الجسم لخلايا المتبرع.
ما هي المضاعفات الشائعة لزراعة الخلايا الجذعية؟
زراعة الخلايا الجذعية سواء كانت ذاتية أو غير ذاتية يمكن أن تكون لها مضاعفات مختلفة، وفيما يلي نعرض المضاعفات الشائعة لزراعة الخلايا الجذعية:
- مضاعفات نظام المناعة: قد يحدث رد فعل مناعي ضد الخلايا الجذعية المزروعة، حيث يهاجم جهاز المناعة الخلايا الجذعية الجديدة مما يؤدي إلى التهاب وتلف في أعضاء الجسم.
- مضاعفات نقص المناعة: قد يؤدي استخدام العلاج المناعي قبل زراعة الخلايا الجذعية إلى ضعف جهاز المناعة مما يزيد من خطر العدوى والتهابات.
- مضاعفات نقص الصفائح الدموية: يمكن أن تؤدي زراعة الخلايا الجذعية إلى انخفاض عدد الصفائح الدموية في الجسم، مما يؤدي إلى زيادة خطر النزيف.
- مضاعفات الجهاز الهضمي: قد تشمل الغثيان والقيء والإسهال والتهابات الفم والقرحة الهضمية.
- مضاعفات الجهاز التنفسي: قد تشمل التهاب الشعب الهوائية والتهاب الرئة وصعوبة التنفس.
يجب معرفة أن المضاعفات المذكورة قد تكون نادرة وتختلف من شخص لآخر، ويعتمد حدوث المضاعفات على عدة عوامل بما في ذلك صحة الفرد العامة وعمره ونوع العلاج السابق الذي تلقاه، وينبغي على الأشخاص الذين يفكرون في زراعة الخلايا الجذعية التشاور مع الفريق الطبي المعالج والاستفسار عن المضاعفات المحتملة والفوائد المحتملة لاتخاذ القرار المناسب.
من الضروري مراقبة المريض بعناية بعد زراعة الخلايا الجذعية ومتابعته بانتظام للكشف عن أي علامات تشير إلى حدوث مضاعفات واتخاذ التدابير اللازمة في حالة حدوثها، ويجب على المريض أيضاً الالتزام بالتعليمات اللازمة للعناية الذاتية واتباع النصائح الطبية المقدمة من الفريق الطبي للمساعدة في تقليل مخاطر المضاعفات.
كم من الوقت يستغرق التعافي من زرع الخلايا الجذعية؟
التعافي من زراعة الخلايا الجذعية قد يستغرق وقتاً يتراوح بين عدة أسابيع إلى عدة أشهر، وقد يوصي مقدم الرعاية الصحية بالبقاء في المستشفى أو بالقرب منها لمدة تصل إلى 100 يوم بعد إجراء زراعة الخلايا الجذعية.
نجاح زراعة الخلايا الجذعية
هناك صعوبة في حساب معدل النجاح الإجمالي في عمليات زرع الخلايا الجذعية، وعلى الرغم من ذلك تكشف أحدث البيانات عن شيء مذهل حيث يتضح أن أكبر عدد من الحالات التي تمت زراعة خلايا جذعية فيها كانت للأشخاص الذين يعانون من سرطانات مثل الورم النخاعي المتعدد وسرطان الغدد الليمفاوية هودجكين وغيرها من الأنواع المشابهة، وتوضح البيانات أيضاً معدلات البقاء على قيد الحياة لمدة ثلاث سنوات.
فيما يتعلق بالمايلوما المتعددة فإن 79٪ من الأشخاص الذين أجروا عملية زراعة الخلايا الجذعية كانوا على قيد الحياة بعد ثلاث سنوات من إجراء الزراعة، والمايلوما المتعددة هو نوع من سرطان البلازما الموجودة في نخاع العظم.
أما بالنسبة لسرطان الغدد الليمفاوية هودجكين، فقد أظهرت الدراسات أن معظم الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من السرطان وعاد المرض بعد العلاج الكيميائي استفادوا من زرع الخلايا الجذعية، وتبين أن 92٪ من هؤلاء الأشخاص كانوا على قيد الحياة بعد ثلاث سنوات من الزراعة.
بالنسبة لسرطان الغدد الليمفاوية اللاهودجكين، فقد أظهرت الدراسات أن معظم الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من السرطان هم الأشخاص الذين يعانون من سرطان الغدد الليمفاوية اللاهودجكين وعاد المرض يتلقون زراعة الخلايا الجذعية، حيث كان 72٪ من هؤلاء الأشخاص على قيد الحياة بعد ثلاث سنوات من التشخيص.
تلك الإحصائيات تعكس التطورات المذهلة في مجال زراعة الخلايا الجذعية وفوائدها المحتملة في مكافحة الأمراض الخبيثة.