يعتبر التصلب اللويحي من الأمراض العصبية العضلية التي تنشأ نتيجة لحدوث تفاعلات التهابية ضارة في الغشاء النسيجي المحيط بالخلايا العصبية المكونة للدماغ والحبل الشوكي، الأمر الذي يؤدي إلى اختلال التوصيل العصبي بين الخلايا العصبية، وبالتالي ظهور العديد من الأعراض الإكلينيكية التي تتمحور حول اختلال التوافق العصبي العضلي، وسنتعرف في هذا المقال على علاج التصلب اللويحي بالخلايا الجذعية.
هل يمكن علاج التصلب اللويحي بالخلايا الجذعية؟
على الرغم من عدم وجود علاج فعلي للمرض، إلا أن تقنية الخلايا الجذعية الجنينية قد لاقت نجاحاً باهراً في علاج التصلب اللويحي، حيث تتميز هذه الخلايا الفريدة من نوعها بقدرتها التحولية المدهشة في إصلاح الخلل الموجود، حيث تقوم هذه الخلايا بالتحول والتمايز إلي الخلايا المكونة لغشاء “المايلين” الذي يحيط بالعصب، وبالتالي إصلاح الخلايا العصبية المتضررة واستعادة قدرتها الوظيفية في نقل النبضات والسيالات العصبية، الأمر الذي يحسن من عملية التوافق العصبي العضلي وعودته على نحو متدرج كما السابق، لذا يعتبر علاج التصلب اللويحي بالخلايا الجذعية فعالاً.
ويتم استخدام الخلايا الجذعية الجنينية من خلال الحقن الوريدي، حيث تتجه هذه الخلايا عبر الأوعية الدموية إلى المناطق النسيجية المتضررة، كي تقوم بإصلاح الخلل وفق الآلية السابق ذكرها. كذلك فإن هذه الخلايا تسهم بصورة رئيسية فعالة في رفع كفاءة الجهاز المناعي، وبالتالي القضاء على أحد أهم العوامل التي قد تتسبب في تكرار الإصابة بالمرض.
ويلاحظ أن علاج التصلب اللويحي بالخلايا الجذعية الجنينية عادة ما يستلزم ما يقرب من 4 إلى 6 أشهر لظهور علامات التحسن واستعادة جانب كبير من التوافق العضلي العصبي، كذلك يجدر بنا الإشارة إلى ضرورة الاستعانة بالعلاج الطبيعي التأهيلي إلى جانب علاج التصلب اللويحي بالخلايا الجذعية باعتباره علاجاً مساعداً وفعالاً لا غنى عنه للوصول إلى مرحلة الشفاء التام.
أسباب الإصابة بالتصلب اللويحي
بعد أن تعرفنا على كيفية علاج التصلب اللويحي بالخلايا الجذعية لا بد معرفة أسباب هذا المرض والتي سنشرحها فيما يلي:
لا يزال السبب الفعلي للإصابة غير واضح، لكن رجحت بعض الدراسات المستفيضة التي أجريت في هذا الشأن إلى أن اختلال الجهاز المناعي بالجسم يسهم بصورة غير مباشرة في الإصابة بالمرض، كذلك فإن فشل الخلايا المسؤولة عن تصنيع غشاء المايلين الذي يحيط بالخلايا العصبية يلعب دوراً هاماً في حدوث الإصابة.
لذا يمكننا القول إن التصلب اللويحي هو في واقع الأمر مرض مناعي ذاتي يؤثر على الجهاز العصبي المركزي (الذي يشتمل على المخ والنخاع الشوكي) من خلال تثبيط التوافق العصبي العضلي بالجسم.
أعراض التصلب اللويحي
يلاحظ أن المرض قد يتخذ أكثر من صورة إكلينيكية، حيث تعتمد الصورة المرضية على حجم ومكان الخلايا العصبية المتضررة، لكن عموماً توجد بعض الأعراض العامة التي تتواجد عادة في أغلب مصابي مرض التصلب اللويحي وتظهر على نحو متدرج، ولعل أهم هذه الأعراض:
- فقدان الإحساس، مع شكوى متكررة من التنميل والوخز.
- ضعف العضلات وضمورها.
- بطء ملحوظ في الأفعال المنعكسة.
- ضعف التوافق العضلي العصبي للعديد من أعضاء الجسم، والتي تظهر في صورة صعوبة البلع، اضطرابات القناة الهضمية ولاسيما الأمعاء، اضطرابات وظيفية بالمثانة وعدم التحكم بها.
- ازدواج الرؤية والتهاب العصب البصري.
- الشعور بالضعف العام والإنهاك.
ويجدر بنا الإشارة إلى أن مرض التصلب اللويحي ليس من الأمراض الوراثية المنشأ، لكن في نفس الوقت لا بد أن نشير إلى أن بعض الدراسات الحديثة قد أوعزت إلى أن بعض الإصابات الميكروبية قد تمهد للإصابة بالمرض في وقت لاحق، ولعل أهم هذه الفيروسات: فيروس الهربس البشري، فيروس إبشتاين بار، علاوة على الفيروسات المسببة لأمراض الحصبة والحصبة الألمانية والتهاب الغدة النكفية، لذا فإن علاج التصلب اللويحي بالخلايا الجذعية من العلاجات المجدية التي تساعد المصابين.
تشخيص التصلب اللويحي
قبل اللجوء إلى علاج التصلب اللويحي بالخلايا الجذعية يجب تشخيص المرض لتأكيد الإصابة ويتم ذلك من خلال الأعراض الإكلينكية، فإن الطبيب المختص عادة ما يقوم بإجراء اختبار إكلينيكي بسيط، والذي يسمي باسم “اختبار علامة ليرميت”، حيث يطلب من المريض تحريك رقبته في كافة الاتجاهات، الأمر الذي يستحث المريض بالشعور بألم يشبه الوخز أو التيار الكهربي المحدود، والذي يسير في الظهر بمحاذاة العمود الفقري.
أيضاً وعلى سياق متصل، وللمزيد من الوقوف على حجم الضرر العصبي الناشئ لا بد من إجراء العديد من الاختبارات التشخيصية والعلاجية، والتي تشمل:
- تحليل عينة من السائل النخاعي الشوكي.
- عمل رسم للمخ والنخاع الشكوكي باستخدام أشعة الرنين المغناطيسي.
- عمل رسم للموجات العصبية المخية.
وتتلخص التدابير الأولية في التعامل مع المرض في تشخيص المرض بصورة صحيحة ومعرفة حجم ومدى الضرر، ومن ثم إيقاف حدة المرض والحيلولة دون تفاقم الأعراض وتطورها لما هو أسوأ، ولا سيما أنه مع تطور الأعراض سالفة الذكر فإن المريض عادة ما يعاني من الشلل الكلي والذي يؤدي لاحقاً إلى الوفاة.